
روما ـ رأى دبلوماسي إيطالي سابق، أن “الاتحاد الأوروبي متردد ومنقسم”، بشأن أوكرانيا لكن رئيس الإتحاد الروسي فلاديمير “بوتين يخشى نموذجه”.
وفي مقال كتبه لصحيفة (لا ستامبا) الإثنين، الأمين العام السابق لوزارة الخارجية، السفير إيتوري سيكوي، أن “الهجوم الروسي على بوكروفسك يُمثل مرحلة جديدة للحرب في أوكرانيا، إذ تسعى موسكو لكسب أرضية قبل الشتاء للتفاوض من موقع هيمنة”.
وذكر أن “انفتاح لافروف على لقاء مع روبيو، عقب فشل القمة بين ترامب وبوتين في بودابست، يُكمل هذه المناورة: فالقوة على الأرض تخلق فرصًا للتفاوض، وتحاول موسكو إعادة فتح قناة الاتصال مع واشنطن. مع ذلك، لا تزال أوروبا غير متأكدة مما إذا كانت ستلعب دور الفاعل أم المتفرج في أزمة ستعيد تعريف دورها”.
وأكد الدبلوماسي، أن “البعد الأول للفراغ الأوروبي مالي: هناك جدل حول استخدام الأصول السيادية الروسية المجمدة – حوالي 140 مليار يورو، معظمها في يوروكلير ببروكسل – كضمان لقرض لأوكرانيا. بعض الدول الأعضاء تعارض ذلك، خوفًا من الانتقام والتقاضي وتداعياته على اليورو، لكن البديل هو الشلل، بينما تتراجع واشنطن ويحوّل بوتين الحرب إلى ورقة ضغط تفاوضية”.
وأوضح سيكوي، أن “البعد الثاني هو الأمن”، فـ”مع تقدمها في دونباس، تشن موسكو حربًا موازية على أوروبا ورأيها العام. المسيرات في المطارات، الغارات الجوية، الإنذارات الكاذبة، الهجمات الإلكترونية، الدعاية المتعلقة بالطاقة والتهديدات النووية، تهدف إلى تقويض الثقة الجماعية. إنها حرب استنزاف نفسي: ترهيب للتقسيم، وتفريق للإضعاف”.
واسترسل: “بينما ترد أوروبا بالتصريحات وخطط الصمود، لكن دون آلية موحدة. نحن بحاجة إلى سلسلة صنع قرار تتخذ، في غضون ساعات من أي هجوم هجين، قرارات سياسية: عقوبات، صندوق تعويضات وتواصل مشترك، وحتى تتحقق هذه البنية، ستضرب موسكو حيث لا نتفق”.
وأخيرًا، هناك بُعد ثالث، وهو “الردع”، فـ”الولايات المتحدة تُحوّل مركز ثقلها الاستراتيجي نحو المحيط الهادئ. ستكون حاضرة في أوروبا، لا كبدائل. لذا، يجب على أوروبا الانتقال من التبعية إلى المسؤولية، وإنشاء نظام ضمانات أمنية لأوكرانيا، ربما بدعم أمريكي. لا يتعلق الأمر بمحاكاة حلف الناتو، بل بتعزيز المصداقية الاستراتيجية للاتحاد: ميزانيات متعددة السنوات، وتعاون صناعي، وتخطيط مشترك”.
وتساءل السفير السابق لدى بكين: “لكن إذا كانت أوروبا مترددة ومنقسمة إلى هذا الحد، فلماذا تهاجمها روسيا بحرب هجينة مستمرة وخطاب كراهية لاذع؟ لأنها، في ضعفها العسكري الظاهر، تُمثل تهديدًا لبوتين: لا بسبب قوتها الضاربة، بل لقوة نموذجها. أوروبا، القائمة على معايير كوبنهاغن – سيادة القانون، حرية التعبير ومكافحة الفساد – هي نقيض الاستبداد الروسي”.
وأشار إلى أن “أوروبا لا تغزو الأراضي، بل تجذب الضمائر. هذا ما يُخيف الكرملين: إذا بقيت أوكرانيا مُتمسكة بهذا النموذج، فسينجو فيروس الديمقراطية الأوروبية من القنابل. ترامب أيضًا لا يثق بأوروبا، وربما يحتقرها، ويميل إلى تقسيمها. بدعمه لكييف، يُصبح الاتحاد عقبة أمام اتفاقية عقابية ونموذجًا قيميًا غير مُلائم”.
وخلص الدبلوماسي إلى القول، إن “روسيا تُهاجمنا لما يُمكن أن نُصبح عليه عسكريًا ولما نُمثله سياسيًا. كل هجوم، تضليل وتهديد هو انعكاس لهذا الخوف. لذا يجب أن يكون الرد واضحًا: تأكيد الحق بالمشاركة في صنع القرار بالحقائق، فإما أن تُصبح أوروبا قوة سياسية، أو ستبقى سوقًا مُحاطة بالإمبراطوريات”.