
الفاتيكان ـ سلط النائب العام على بطريركية أورشليم للاتين والنائب البطريركي في القدس وفلسطين، المطران وليم شوملي، الضوء على الأوضاع الراهنة في المنطقة، مشيرا إلى أن “المعاناة تصبح أخف وطأة لدى تقاسمها مع الآخرين”، في إشارة إلى الدعم الذي عبّر عنه البابا وعدد من المسؤولين السياسيين.
جاء ذلك في أعقاب الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف صباح أمس الخميس كنيسة العائلة المقدسة في قطاع غزّة وأسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وجرح عدد آخرين، من بينهم كاهن الرعية الأب غابرييل رومانيللي.
وأجرى موقع (فاتيكان نيوز) مقابلة مع المطران شوملي، استهله مؤكدا أن “مراسم تشييع الضحايا أقيمت مساء الخميس، وذلك كان ضرورياً لعدم توفر البرادات التي تُحفظ فيها عادة جثث الموتى”. وأضاف أن “سكان مدينة غزة، والقطاع بصورة عامة، لا يستطيعون متابعة الأحداث وردود الفعل الدولية، لعدم توفر خدمات النقل التلفزيوني المباشر، هذا فضلا عن صعوبة التواصل بين القدس وغزة”.
وقال الأسقف إنه “تم نقل جميع الجرحى إلى المستشفى الأنغليكاني في شمال مدينة غزة، والقريب من الكنيسة المستهدفة”، موضحا أن “هذا المرفق الصحي لا يملك سوى المستلزمات الطبية الضرورية من أجل تقديم الإسعافات الأولية”.
وتابع شوملي حديثه مشيرا إلى أن “القذيفة الإسرائيلية استهدفت مبنى الكنيسة وحسب، ولم تتعرض لأي ضرر المدرسةُ والقاعات التي تأوي مئات المهجرين الفلسطينيين الذين لجأوا إليها منذ بداية الحرب، ومن بينهم عدد كبير من الأطفال”.
وكانت بطريركية أورشليم للاتين قد أعلنت أن هؤلاء المهجرين يأملون اليوم بشيء واحد، ألا وهو البقاء على قيد الحياة، بعد أن دمرت الحربُ بيوتهم وأخذت منهم كل ما لديهم، وسلبتهم كرامتهم. وقد تواصلت البطريركية مع الجيش الإسرائيلي في أعقاب الهجوم على الكنيسة، الذي أوضح أنه اطلع على ما جرى مؤكدا أنه سيفتح تحقيقاً مستقلاً للكشف عن ملابسات الحادث، بيد أن السلطات الكنسية لم تحصل لغاية الآن على أي أجوبة بشأن دوافع الهجوم.
وذكّر المطران شوملي بأن “القوات الإسرائيلية أعطت في السابق أوامر للمؤمنين بشأن إخلاء الكنيسة والمدرسة التابعة لها، تماما كما فعلت مع المهجرين الموجودين في مجمّع كنيسة القديس بورفيريوس الأرثوذكسية”.
وأضاف أن “المؤمنين تلقوا هذه المرة أيضا أوامر بشأن إخلاء المنطقة والتوجه جنوباً، لافتا إلى أن الإسرائيليين يريدون إخلاء شمال القطاع من السكان”. وقال إن “المسيحيين لم يستجيبوا لهذه الأوامر لأنهم يخشون الذهاب إلى الجنوب، حيث لا يوجد طعام ولا مياه ولا أدوية، وسيجدون أنفسهم وسط عشرات آلاف الأشخاص الذين يكابدون الجوع ويفتقرون إلى مقومات الحياة الأساسية”.
وتساءل سيادته عما إذا “كانت هناك صلة بين تجاهل الأوامر المعطاة وهجوم الخميس على كنيسة العائلة المقدسة، مع أن الحكومة الإسرائيلية عبرت، من خلال وزارة الخارجية، عن ألمها العميق حيال الهجوم، مضيفة أن إسرائيل لا تستهدف أبداً الكنائس أو المواقع الدينية، ومعبرة عن أسفها حيال التعرض لدور العبادة أو لمدنيين غير معنيين بالصراع”.
وشاء المطران أن يعبر عن “الحزن العميق الذي ألمّ بجميع المؤمنين في الأرض المقدسة في وقت يقوم فيه أخوتهم وأخواتهم في غزة بدفن الموتى ومعالجة الجرحى”. وأكد أن “بطريركية أورشليم للاتين ستقف دائماً إلى جانبهم، وستبذل كل ما في وسعها من أجل دعمهم ومساعدتهم”.
ولم تخلُ كلمات الأسقف من التعبير عن “امتنانه وامتنان البطريركية لرسائل التعزية والتضامن التي وجهها أصدقاء من الداخل ومن الخارج”، وفي طليعتهم “البابا ليون الرابع عشر، الذي أبرق معزياً بالضحايا، وشخصيات سياسية عدة شاءت التعبير عن تضامنها مع الجماعة المسيحية في قطاع غزّة”.
وكان الرئيس الفرنسي قد أجرى اتصالا هاتفياً مع البطريرك بيتسابالا، بحضور المطران شوملي، وأكد هذا الأخير، في ختام حديثه، أن “إيمانويل ماكرون أبدى تضامناً كبيراً، ووعد بأن يسعى إلى التخفيف من آلام ومعاناة سكان القطاع، لاسيما فيما يتعلق بتوفير المساعدات الغذائية”.
وكانت فرنسا قد أدانت، على لسان وزير خارجيتها جان نويل بارو، الهجوم على كنيسة العائلة المقدسة، تماماً كما فعلت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني، التي قالت إن “ما حصل صباح أمس أمر غير مقبول”.