الفاتيكان ـ ترأس البابا ليون الرابع عشر يوم أمس الأحد، القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس بمناسبة اليوم العالمي التاسع للفقراء ويوبيل الفقراء، موجّهًا عظة ملؤها الرجاء ومسؤولية الشهادة في عالم يزداد قسوة وتشتّتًا. وفقا لموقع (فاتيكان نيوز) الإخباري، دعا البابا، “للنظر إلى التاريخ بعيون الملكوت، مستلهِمًا من القراءات الليتورجية التي تُذكّر بأن يوم الرب هو زمن جديد يشعّ فيه وجه المسيح كشمس عدل تُنصف الضعفاء والمتألمين”.
وقال ليون الرابع عشر: “تدعونا آحاد السنة الليتورجية الأخيرة للنظر إلى التاريخ من خلال نهاياته الحاسمة”. ملفتا الى “الرجاء، الذي نتشبّث به حتى وسط تقلبات الحياة غير المبهجة. فاليوم أيضًا تواصل الكنيسة حجّها بين اضطهادات العالم وتعزيات الله، معلنة موت الرب إلى أن يأتي. وحيثما يبدو وكأنّ كل الآمال البشرية تنفد، يتعزّز اليقين الوحيد، الثابت أكثر من السماء والأرض، بأن الرب لن يسمح بأن تُفقَدَ شَعْرَةٌ مِن رؤوسنا”.
وتابع: “في الاضطهادات والآلام والتعب وضيقات الحياة والمجتمع، لا يتركنا الله وحدنا. بل يتجلّى لنا كمن يتّخذُ موقفاً معنا. فالكتابُ المقدّس كلُّه يخترقُه هذا الخيطُ القرمزيُّ الذي يَسردُ حكايةَ إلهٍ يقفُ دوماً في صفّ الأصغر، وإلى جانب اليتيم والغريب والأرملة. وفي يسوع، ابنه، يبلغ قرب الله ذروة المحبّة: لذلك يصبح حضور المسيح وكلمته عيدًا ويوبيلًا للفقراء، لأنه جاء ليبشر الفقراء ويُعلن سنة رضا عند الرب”.
وأضاف بريفوست: “كم هي كثيرة أشكال الفقر التي تثقل عالمنا! هناك أولًا الفقر المادي، لكن هناك أيضًا العديد من الأوضاع الأخلاقية والروحية، التي تطال الشباب بشكل خاص. والمأساة المشتركة التي تجمع بينها جميعًا هي العزلة. هي تتحدانا لكي ننظر إلى الفقر بأسلوب شامل؛ لأنه علينا في بعض الأحيان أن نلبي الاحتياجات الملحّة، ولكن بصفةٍ عامة، علينا أن نطوِّر ثقافة الاهتمام، لكي نكسر جدار العزلة”.
واسترسل: “لذلك نريد أن نكون متنبّهين للآخر، لكل شخص، حيثما نكون ونعيش، وننقل هذا الموقف بدءًا من العائلة، ونعيشه بشكل ملموس في أماكن العمل والدراسة، وفي مختلف الجماعات، وفي العالم الرقمي، وفي كل مكان، لاسيما في الضواحي، لنصبح شهودًا لحنان الله”.
وأشار البابا، الى أن “مشاهد الحروب المنتشرة للأسف في مناطق مختلفة في العالم اليوم، تبدو وكأنها تثبتنا في حالة عجز. لكن عولمة العجز تولد من كذبة، من الاعتقاد بأن هذا التاريخ كان دائمًا هكذا ولن يتغير. أما الإنجيل فيخبرنا أن الرب يأتي ليخلّصنا بالتحديد وسط اضطرابات التاريخ. ونحن، كجماعة مسيحية، علينا أن نكون اليوم، بين الفقراء، علامة حيّة لهذا الخلاص”.
وذكر أن “الفقر يسائل المسيحيين، بل وكذلك، جميع من يشغلون أدوار مسؤولية في المجتمع. لذلك أحثّ رؤساء الدول وقادة الأمم على الإصغاء إلى صرخة الفقراء. لن يكون هناك سلام بدون عدالة، والفقراء يذكروننا بذلك بطرق متعددة: بهجرتهم، وبصرختهم التي غالبًا ما تخنقها أسطورة الرفاهية والتقدم الذي لا يشمل الجميع، بل ينسى الكثيرين ويتركهم لمصيرهم”.