روما ـ حض البابا فرنسيس على تحييد الجانب المخيف للذكاء الاصطناعي وجعله أداة لمحاربة الفقر.
ووفقا لموقع (فاتيكان نيوز) الإلكتروني، فلمناسبة انعقاد قمة العمل حول الذكاء الاصطناعي في باريس يومي 10 و11 شباط/فبراير الجاري وجّه البابا رسالة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كتب فيها: خلال لقائنا في پوليا، خلال قمة مجموعة الدول السبع، أتيحت لي فرصة التأكيد على الحاجة الملحة لضمان وحماية فسحة كبيرة من الرقابة البشرية على عملية اختيار برامج الذكاء الاصطناعي”.
وأضاف فرنسيس: “رأيت أنه من دون هذه الآليات، يمكن للذكاء الاصطناعي، على الرغم من أنه أداة جديدة رائعة، أن يظهر جانبه المخيف، ويصبح تهديدًا للكرامة البشريّة”، لذلك “أرحب بالجهود التي يتمُّ بذلها، بشجاعة وتصميم، للشروع بمسيرة سياسية لحماية البشرية من استخدام للذكاء الاصطناعي يحدُّ رؤية العالم في حقائق يتمُّ التعبير عنها بالأرقام ويحصرها في فئات مسبقة، يزيل مساهمة أشكال الحقيقة الأخرى ويفرض نماذج أنثروبولوجية، اجتماعية، اقتصادية وثقافية موحدة”.
وأردف: “بالتالي أردتم، في قمة باريس، أن تشركوا أكبر عدد ممكن من الفاعلين والخبراء في عملية تفكير تهدف إلى الخروج بنتائج ملموسة”. وأوضح البابا، أنه “في رسالتي العامة الأخيرة (Dilexit nos)، أردتُ أن أميّز بين فئة الخوارزميات وفئة القلب، المفهوم الأساسي الذي دافع عنه الفيلسوف والعالم الكبير بليز باسكال الذي كرست له رسالة رسولية في الذكرى المئوية الرابعة لولادته، وذلك للتأكيد على أنه في حين يمكن للخوارزميات أن تُستخدم لخداع الإنسان، فإن القلب، كمقرّ لأكثر المشاعر حميمية والحقيقية، لا يمكنه أبدًا أن يخدعه”.
وخاطب البابا جميع المشاركين بقمة باريس، بالقول: “أطلب منكم ألا تنسوا أن معنى وجود الإنسان ينبع من قلبه فقط. أطلب منكم أن تقبلوا المبدأ الذي عبّر عنه بأناقة فيلسوف فرنسي عظيم آخر هو جاك ماريتان: الحب يساوي أكثر من الذكاء”. وتابع: “إن جهودكم، أيها المشاركون الأعزاء، هي مثال ساطع لسياسة سليمة تسعى لإدماج الابتكارات التكنولوجية بمشروع يهدف للخير العام، لفتح الطريق أمام فرص مختلفة لا تعني مقاطعة إبداع الإنسان وحلمه بالتقدم، بل توجيه هذه الطاقة بطرق جديدة”.
وأضاف بيرغوليو: “أنا مقتنع بأن الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يصبح أداة قوية للعلماء والخبراء الذين يعملون معًا لإيجاد حلول مبتكرة وخلاقة لصالح الاستدامة البيئية لكوكبنا. بدون أن نتجاهل حقيقة أن استهلاك الطاقة المرتبط بتشغيل البنى التحتية للذكاء الاصطناعي هو في حد ذاته كثيف الاستهلاك للطاقة. وقد سبق لي في رسالتي لليوم العالمي للسلام لعام 2024 المخصص للذكاء الاصطناعي، أن شددت على أن في المناقشات حول تنظيم الذكاء الاصطناعي، ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار أصوات جميع الأطراف المعنيّة، بما في ذلك الفقراء والمهمشين وغيرهم ممن يتمُّ تجاهلهم في كثير من الأحيان في عمليات صنع القرار العالمي”.
وأشار فرنسيس إلى أنه “انطلاقًا من ذلك، آمل أن تمضي قمة باريس قدمًا لكي يتمّ خلق منصة للمصلحة العامة حول الذكاء الاصطناعي، ولكي تجد كل دولة في الذكاء الاصطناعي أداة للتنمية ومكافحة الفقر من جهة، ولحماية الثقافات واللغات المحلية من جهة أخرى. وبهذه الطريقة فقط ستتمكن جميع شعوب العالم من المساهمة في خلق البيانات التي سيستخدمها الذكاء الاصطناعي والتي ستمثل التنوع والغنى الحقيقيَّين اللذين يميزان البشرية جمعاء”.
وذكر البابا، أن “هذا العام، عملت دائرة عقيدة الإيمان ودائرة الثقافة والتربية معًا على إعداد مذكرة حول: الذكاء الاصطناعي والذكاء البشري. تتناول هذه الوثيقة، التي نُشرت في 28 كانون الثاني/يناير، عددًا من القضايا المحددة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي التي تعالجها القمة الحالية، بالإضافة إلى بعض القضايا الأخرى التي تهمني بشكل خاص”.
وأعرب فرنسيس عن “الأمل بأن تتناول أعمال مؤتمرات القمة المقبلة، التي ينبغي أن تتبع هذه القمة، بمزيد من التفصيل، التأثيرات الاجتماعية للذكاء الاصطناعي على العلاقات الإنسانية والمعلومات والتعليم. ومع ذلك، يبقى السؤال الأساسي وسيبقى دائمًا أنثروبولوجيًا، أي ما إذا كان الإنسان، كإنسان في سياق التقدم التكنولوجي، سيصبح حقًا أفضل، أي أكثر نضجًا روحيًا، وأكثر وعيًا بكرامة إنسانيته. أكثر مسؤولية، وأكثر انفتاحًا على الآخرين، ولاسيما الأكثر عوزًا والأكثر ضعفًا”.
واختتم البابا رسالته بالقول، إن “التحدي النهائي الذي يواجهنا هو الإنسان وسيبقى الإنسان على الدوام، فلا ننسينَّ ذلك أبدًا. شكرًا لكم، سيدي الرئيس، وشكرًا لكم جميعًا أنتم الذين عملتم خلال هذه القمة”.
[wkh][/wkh]